هل الإنطوائية مرض ؟
الاختلافات هي سُنة الحياة ، شكلاً و نوعاً و مضموناً ، الاختلاف جميل ، و أينما حل إتضحت الامور اكثر و اكثر ، فلولا المرض ماعرفنا الصحة ، لولا الفشل ما عرفنا النجاح ، و كذلك النفوس البشرية و شخصياتها ، فلولا الشخص الاجتماعي لما عرفنا معنى الانطوائي ، فالمعاني تزداد وضوحاً بمضاداتها .
أي مثلما يوجد أُناس اجتماعيون ، يستنبطون أفكارهم من المحيط الخارجي، يناقشون أفكار الناس و يكسبون منها المعرفة و الخبرة ، هناك أُناس يُحبون مناقشة أفكارهم مع أفكارهم لا وساطة بين ذلك ، يرتاحون في العزلة ، ينتقون المعرفة من الكتب و الجرائد ، يُحبون كونهم وحيدين بذاتهم ،يتلبكون أمام الملأ ليس خجلا ولا عدم ثقة و إنما يريدون أن يكونو اكثر استعداداً و أقل عُرضة للخطأ ، فصمتهم يسمح لهم بمراقبة العالم عن كثب بعيد .
يرى الناس المنفتحون جميع الألوان و يصنفونها واحدة تلو الأخرى، و يرى الانطوائيون اللون الأبيض، ليس لانهم لا يميزون البقية، بل لأنهم مدركون أنه جميع الألوان ، أي أن كلاً إختار الزاوية التي يرى الأمور من خلالها .
يفضلون البقاء في البيت ، و اعز اصدقائهم كتابٌ و قهوة ، ينتبهون للتفاصيل و يقدسونها، و لهم من الافلام ما لغيرهم في المناسبات و التجمعات ، أي أن لا علاقة تجمع بين الانطوائي و المريض النفسي ، لكن الناس تحبُ أن تنتقد ، تحب أن تفهم في أعماق البشر و نواياهم و أحلامهم و يريدون معرفة كل شئ عنهم ، و يتهمونه لأنهم صندوقٌ محكم بالاسرار ، لا يملك نسخةً من مفتاحِ هذا الصندوق إلاّ من سعى جاهدا لفهمهم و استطاع .
و إن هذين الصفتين موجودتان في أي نفسٍ بشرية ، لكن بتفاوت ، كلٌ يظهر في وقته دون أي يغطي الاخر تماماً ، فأن تخرج في الصباح تعمل و تتناقش و تكتشف ستبقى اقل عرضة للاكتئاب ، ثم تريد سلاماً لنفسك فتمسك كتاباً و تسافر بعيدا و أنت في مكانك .
لا تصغي لتصنيفات أي أحد ، فكلٌ يَفعلُ تبعاً لمعاييره و معتقداته، فكما لا يمكن أن تضع مربعاً داخل دائرة ،لا يمكنك فقط الجلوس و محاكمة الناس بطُرقٍ غير عادلة و تقارنها بطرقك .
هناك فرقٌ بين بين الانطوائي و المتوحد ، فالأول درس العالم و عرف خباياه و رأى في ابتعاده سلاماً فقرر إعتناق ذلك ،أما الثاني فهو ضحية صدمةٍ قديمة ، عواملٍ بيئية ، أو عوامل وراثية و هو مرضٌ طبيعي و له علاجات و ما إلى ذلك .
و في الأخير لا تجعل من الأصوات الخارجية تؤثر على صوتك الداخلي ، فأينما دلَّك ، إذهب .. ذلك هو المكان الصحيح 🦋🥀
كتابة: آمنة واعر