دمج أطفال التوحد في المدارس الابتدائية الجزائرية (بين معارض ومؤيد)
عندما نسمع كلمة توحد يتبادر في أذهاننا ذلك الإضطراب الغامض الذي يصعب الكشف عن ماهيته ، فيراه البعض تخلفا عقليا ، في حين يراه البعض الآخر تأخرا ، وهناك من يسميه إعاقة ، وبين تلك المسميات يتيه طفل التوحد في ظل غموض نظرة المجتمع له ، فيزيد انغلاقه على ذاته وابتعاده عن الواقع نتيجة المعاملات التي تصدر من الأفراد المحيطين به ، واللذين لايعرفون كيف يتعاملون مع هذا العارض وهذا بديهي لأنهم لم يجدوا له تصنيف بعد.
يكبر طفل التوحد ليجد نفسه مطالبا بالدخول إلى المدرسة للتعلم شأنه في ذلك شأن أقرانه العاديين تحت رعاية معلم عادي.
فما مدى تقبل الأطفال لبعضهم البعض ؟ وهل سيضبط المعلم الأمور داخل حجرة الدرس في ظل ذلك التباين بين الأطفال ؟ وماردة فعل أولياء التلاميذ (العاديين والمتوحدين) من ذلك؟
هذا ماسنتطرق إليه في هذا المقال.
يعتبر مرض التوحد من اصعب الاضطرابات التي تصيب الانسان، مايخلق نوع من التخوف في التعامل مع هذه الفئة ، سواء من الجانب الأسري أو المدرسي ، حيث أن أهم صفة يتصف بها المتوحد هي عدم التواصل مع الغير ، وكأن حواسه الخمس متوقفة عن توصيل المثيرات الخارجية الى داخله ، ومايزيد الفزع حول هذا المرض هو غياب العلاج الناجح له.
وتشيع معلومات حول هذه الفئة من الأطفال على انها غير قابلة للتدريب والتعلم والاندماج مع الاطفال العاديين في المدارس ، مايثير تخوف الوالدين من تؤثر الطفل سلبا وزيادة توتره وانفعاله نتيجة معاملة اقرانه له ، أو عدم معرفة كيف يتعامل المعلم معه ، في حين أولياء الأطفال العاديين كذلك لهم نفس الشعور حيال تعامل طفلهم السوي مع طفل التوحد وما قد ينجر عليه من سلبيات كأن يقوم بنفس حركاته أو يصدر تلك الأصوات الغريبة التي يصدرها طفل التوحد.
التوحد أو مايعرف بAutisme هو اضطراب في النمو ينتج عنه عدم التواصل البصري واللغوي مصحوبا بإنفعالات وسلوكات غير مقبولة.
أو كما يعرف على أنه: " حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الإجتماعي مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل و التواصل الإجتماعي"1.
والتوحد يصيب الطفل في سن 24 شهر حيث تظهر عليه أعراض متمثلة في : الإنغلاق على النفس ، عدم الإنتباه ، الحركة المفرطة ، عدم التواصل البصري واللغوي . وتتطور هذه الأعراض معه ،وإلى أن يصل إلى سن التمدرس ، فيعيقه هذا المرض من التعلم مع اقرانه العاديين ويصعب دمجه والتعايش معه ، وهنا يأتي دور المعلم الذي يتحمل مسؤولية الأطفال في الصف فهذا الأخير مطالب بفرض نظام محدد داخل قسمه يتساوى فيه الجميع وفي الوقت ذاته مطالب بمراعاة الفروقات الفردية (الاختلافات الصحية والنفسية لكل تلميذ) واكمال برنامجه الدراسي على اكمل وجه.
في ظل هذه التحديات التي تواجه المعلم يتوجب عليه ان يجد لنفسه حلول (اجتهادات شخصية) نتيجة غياب الحلول التي من واجب وزارة التربية ان تضعها في متناوله.
ان وزارة التربية والتعليم توظف المعلمين المتخرجين من المعاهد والمدارس العليا للأساتذة وتكونهم تكوينا بيداغوجيا للتعامل مع التلاميذ العاديين ، في حين تغض الطرف عن تعيين متخصصين لفئة الأطفال المتوحدين ، فتجد هذه الفئة نفسها انها لم تنل حصتها الكاملة من المجتمع بوجه عام(قلة او انعدام المراكز المتخصصة) ولالمدارس بوجه خاص(انعدام الاقسام المكيفة والمعلمين المتخصصين في المجال)
يعاني الطفل التوحدي من تشتت الانتباه ، وفرط النشاط الحركي ، مايؤدي الى صعوبة دمجه مع الاطفال العاديين واللذين سيقعون بين خيارين:
1_ الاستماع له والالتهاء بحركاته وأصواته الغريبة ، وفي بعض الأحيان تقليده وبالتالي عدم السير الحسن للدرس وانهاك المعلم في ضبط الفوج
2_ تذمر الأقران من تصرفات الطفل التوحدي ومحاولتهم التركيز في سير الدرس دون جدوى.
وفي كلا الحالتين سيتذمر أولياء التلاميذ من ذلك باعتبار ان لاذنب لأبنائهم في ذلك كله. وفي المقابل أولياء التلاميذ المتوحدين لهم رأي آخر وهو ان ابنهم من حقه ان يندمج في المجتمع ويأخذ حقه من التمدرس ويكتسب مهارات باعتباره فرد لا يقل اهمية عن باقي افراد المجتمع.
لذلك توجب تعيين اخصائيين داخل المدرسة لمساعدة المعلم العادي ، أو تعيين معلمين متخصصين في المجال لرعاية هذه الفئة، واعداد اقسام مكيفة ومجهزة من شأنها أن تساعد التلميذ المتوحد في نيل قسطه من التعليم ، وتقريبه بشكل تدريجي من التلاميذ العاديين .
يحتاج أطفال التوحد بيئة مدرسية خاصة بهم تتكون من متخصصين و أقسام مكيفة ، فالمعلم العادي والقسم العادي يسبب له مضاعفات على مستوى الحالة الصحية والنفسية مما يبطىء من تماثله للشفاء ان كان ذلك ممكنا
كتابة: ياقوت الجزائر
المصادر:
1_ اضطراب طيف التوحد ، رعاية النريض والمعلومات الصحية ، الأمراض والحالات. موقع مايو كلينيك.