القائمة الرئيسية

الصفحات



 الخوف عند الأطفال:

 

تعتبر مرحلة الطفولة من أكثر المراحل التي يظهر فيها الخوف، حيث يعتقد الكثير من علماء النفس أن الخوف وما يتصل به من حالات القلق والاضطراب النفسي يشكل جزءاً من الدوافع البشرية والتي تؤثر في علاقات الفرد بالآخرين.

 

فالخوف انفعال يتضمن حالة من حالات التوتر التي تدفع الشخص الخائف إلى الهرب من الموقف الذي أدى إلى استثارة خوفه حتى يزول التوتر. فالخوف يتضمن حالة التوجس تدور حول خطر معين 

له وجود واقعي.

 

وتتميز مخاوف الأطفال بعدم الثبات، وبالتغير مع التقدم في العمر، وقد تزول عند الطفل بعض المخاوف لتحل محلها مخاوف أخرى. 

 

وتشير دراسة هورلوك إلى أن المخاوف تعتبر مكتسبة رغم تمایزهاواختلافها من مرحلة إلى أخرى في الطفولة بعكس الاتجاه الذي ساد قديماً عند واطسن وتلاميذه، والذي يرى أن الخوف عند الأطفال حديثي الولادة فطري. 

 

كما أظهرت الدراسات أيضاً أن شدة مخاوف الأطفال ترتبط بنوعية العلاقات المتبادلة بين الطفل وأسرته من جهة، وبالمواقف التي يشعر فيها بالتهديد وعدم الأمن والفشل من جهة أخرى. 

 

ويؤكد روتر Rutter أن هناك علاقة بين مخاوف الأطفال وعمرهم الزمني، فالمخاوف التي يكتسبها الطفل في طفولته تظل كامنة لعدة سنوات ثم لا تلبث أن تكشف عن محتوياتها خلال مرحلة الطفولة المتأخرة وقبل البلوغ.

 

كما أظهرت دراسة أجريت على عينة من الأطفال المصريين المتواجدين في دولة الإمارات العربية المتحدة أن هناك فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى 0.001 بين الذكور والإناث في الخوف، حيث وجد أن الخوف عند الإناث أعلى منه عند الذكور. وهذه الدراسة توافقت مع ما توصل إليه خيري في وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين مخاوف الأطفال الذكور والإناث، فقد وجد أن الإناث أكثر خوفاً من الذكور بدرجة دالة إحصائياً وذلك في دراسة قام بها على الأطفال اليمنيين. 

 

وبالإضافة إلى تأثر مخاوف الأطفال بالجنس، فإن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة، وترتيب الطفل الميلادي، وذكاءه عوامل هامة تؤثر أيضاً في مخاوف الأطفال.

 

 

وسوف نتحدث فيها يلي عن ثلاثة أنواع للمخاوف التي تظهر عند الأطفال وهي: 

 

أ- الخوف الطبيعي: 

 

وهو شعور أو إحساس الطفل بالخوف، ويكون طبيعياً ويظهر کرد فعل لمؤثر (مثير) خارجي يتخذ الطفل إزاءه أسلوباً وقائياً أو دفاعياً. فمخاوف الأطفال مخاوف محسوسة. والمقصود هنا المخاوف الحقيقية، وأسبابها حقيقية وواقعية يعبر عنها الطفل بسهولة ووضوح. فهي حالة انفعالية تثيرها المواقف الخطرة أو المنذرة بالخطر والتي يصعب على الطفل مواجهته.

ومن أمثلة مخاوف الأطفال الحقيقية الطبيعية: 

 

• الخوف من الظلام.

• الفوف من الأصوات المرتفعة.

• الخوف من المرض.

• الخوف من الوحوش.

• الخوف من الحيوانات.

•  الخوف من المرتفعات. 

• الخوف من الغرباء.

•  الخوف من المواقف غير المألوفة والرعد والأشباح.  

 

 

والمخاوف عند الأطفال تظهر بشكل أكبر فيما بين سنتين وست سنوات من الحيوانات والعواصف والظلام والغرباء. وأن حوالی 50% من الأطفال تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعد والأشباح. 

 

كما بينت الدراسات أن مخاوف الأطفال تبلغ ذروتها في عمر سنتين وأربع سنوات. وتقل هذه المخاوف في عمر خمس سنوات ثم تختفي في عمر تسع سنوات. وبناء على هذا فإن حوالي 90% من الأطفال دون سن السادسة من العمر يظهر لديهم خوف محدد يزول بشكل طبيعي. 

 

فالخوف الطبيعي عند الأطفال يساعد في الحفاظ على البقاء، حيث يعتبر مصدر تنبيه إلى مصدر الخطر ويعد الجسم لحماية النفس والدفاع ضد الخطر. فهو ظاهرة طبيعية تؤدي وظيفة بيولوجية في حياة الإنسان. 

 

فالأحلام في أغلب الأحيان تعكس مخاوف عند الطفل. وإذا استمعنا أحلام الأطفال فيمكن الكشف مبكراً عما يعانيه الطفل وما يخيفه، ونعمل کراشدینعلى العمل لتخليص الطفل من هذه المخاوف. فالخوف عند الطفل يكون طبيعياً إذا كان من أشياء ضارة تدفعه إلى الحذر والحيطة من هذه الأشياء تجنباً لضررها.

 

ب- المخاوف المرضية: 

 

ولكن هناك بعض المخاوف عند الأطفال لا يكون لها سبب حقيقي معروف، وتكون شديدة، وتستمر لفترة طويلة من أشياء أو مواقف أو أشخاص. وهذه المخاوف ليس لها ما يبررها في الواقع وتسبب لصاحبها القلق والشعور بالعجز وظهور بعض الأعراض النفسجسمية عليه مثل: القيء، والإسهال، والاضطراب في التنفس، وسرعة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، والتبول اللاإرادي، وتقلصات في الأحشاء الداخلية، وغير ذلك من الأساليب التوافقية غير السوية. ومن هذه المخاوف: 

 

• الخوف من الظلام والأماكن المغلقة أو المرتفعة.

• الخوف الحيوانات والحشرات. 

 

ولهذا فلا بد أن تعطى مثل هذه المخاوف المرضية اهتماماً شديداً من قبل الوالدين، والعمل على معالجتها حتى لا تتطور وتسبب اضطراباً نفسياً شديداً عند الطفل وتستمر معه إلى سن الرشد.

 

ویری سوین  أن المخاوف المرضية شائعة بين الأطفال، وتعد من بين أكثر الأعراض العصابية شيوعاً. كما يرى زهران أن المخاوف المرضية تمثل حوالي 20% من مرضى العصاب. 

 

في حين بينت إحدى الدراسات أن الخوف من الكائنات الخرافية (الأشباح) وغير ذلك من كائنات خرافية يكون موجوداً لدى 20% من الأطفال من سن خمس سنوات إلى 11 سنة.

 

والجدير ذكره أن الفرق بين الخوف والخوف المرضي، هو فرق في درجة الخوف. فالخوف المرضي يظهر على شكل خوف مبالغ فيه في مواقف كثيرة من أشياء لا تسبب الخوف لمعظم الأفراد في مثل سن الفرد الخائف، أو يظهر خوفاً مبالغاً فيه من أشياء لا يخاف منها غيره. والمخاوف المرضية تكون عادة مرتبطة بمكان معين أو إنسان أو أشياء وتستمر لعدة سنوات عند الشخص. 

 

أما المخاوف العادية فهي انفعالات تثيرها المواقف الخطرة أو المنذرة بالخطر والتي يصعب على الفرد مواجهتها. فهي حالات يحسها الإنسان في حياته العادية حين يخاف مما يخيف فعلاً. 

 

كما تختلف المخاوف المرضية عن القلق بالرغم من أنها شكل من أشكال القلق العصابي. فالقلق خبرة انفعالية مؤلمة وغير محددة المصدر، كما يصعب تجنبها. وعندما يحاول تجنبها فهو يزيح هذا القلق أو يسقطه على موضوع آخر خارجي.

 

ج.المخاوف المدرسية: 

 

يأتي الطلاب إلى المدرسة وهم بحاجة إلى المحبة، والانتماء، والاعتماد على النفس والحياة الاجتماعية. ولكن هل تستطيع المدرسة أن تقوم بهذه المهمة؟ 

 

يرى الطبيب النفسي الألماني لمب Lempp أن الأطفال لا يصبحون مرضى بسبب المدرسة ولكنهم يعانون منها دون شك، فقد كان في السابق يأتي لعيادتي طفل من كل (12) طفلاً، واليوم طفل من كل ثلاثة أطفال. 

 

ويری آخر (بروفسور في الصحة النفسية) أن من بين كل ألف طفل يراجعونه يكون نصفهم معانياً من مشاكل مدرسية مثل: 

• الرسوب

• الصداع

• آلام في البطن

• قضم الأظافر

• الحركة الزائدة

• تشوش الإدراك

• الاضطرابات السمعية والبصرية

• الاضطرابات اللغوية وغيرها والتي تزول في أثناء الإجازات المدرسية. 

 

فقد ذكرت التقارير أن حوالي نصف مليون طالب يرسب سنوياً في ألمانيا الغربية، وبعض حالات الرسوب قد تنتهي بالانتحار، أو النكوص إلى عادات سلوكية طفلية في سن يكون قد تخلص من هذه العادات. بالإضافة إلى ذلك فإن حالة الذعر تسيطر على الكثير من التلاميذ في أثناء فترة الاختباراتالمدرسية مما يترتب على المعالجين والمرشدين النفسيين مهمة كبيرة خلال هذه الفترة.  

 

ویری شبيلبرجر  أن الأفراد الذين يعانون درجة عالية من قلق الاختبار يدركون المواقف على أنها مهددة للشخصية، وهم في مواقف الامتحان غالباً ما يكونون متوترین، وخائفين، وفي حالة إثارة الفعالية مما يشتت انتباههم وتركيزهم في أثناء الامتحان.

 

كما أشار الطبيب شبيلبرجر أيضاً إلى أن نسبة الإناث أعلى من الذكور في مستوى قلق الاختبار. كما أشارت دراسة آيزنك وراخمان إلى أن حوالی20% من طلاب المدارس يعانون من قلق الامتحان بدرجات متفاوتة.

 

كما دلت الدراسة التي قام بها بنيامين وآخرون، أن الطلاب الذين يعانون بشكل كبير من قلق الامتحان ينخفض مستوى أدائهم في الواجبات المنزلية، ويصادفون مشکلات في تعلم المواد الدراسية، وفي تحديد العناصر الهامة في تمارين القراءة. 

 

وهذه النتائج تكون نتيجة لشعور الطالب بعدم الأمن، والخوف غير العادي مما يؤدي إلى ضعف في تركيزه، وقلقه في أثناء النوم، وتشويش في أثناء الدراسة مما يضعف الاستعداد للامتحان. بالإضافة إلى ذلك، فإن سلوك المدرس ينعكس على تلاميذ المدرسة. فالتلميذ غير المتوافق مع التلاميذ الآخرين في المدرسة يظهر مستوی تحصيلياً ضعيفاً نسبياً، ويؤثر سلوكه سلباً في الفصل الدراسي. إذ كلما زاد الخوف من المدرسة، انعكس ذلك على التوافق النفسي والاجتماعي للتلاميذ، فالخوف انفعال هروبي كما ترى ذلك جودنفر.

 

المصدر: 

 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.