علاج خوف الأطفال:
يتفق الكثير من علماء النفس على أن المخاوف المرضية عند الأطفال هي استجابات متعلمة، والوقاية منها وعلاجها ميسوران ويكون ذلك بمساعدة الأطفال على حل صراعاتهم (عند علماء التحليل النفسي) وإزالة التعلم الخاطىء الذي واجهوه في البيت والمدرسة (عند السلوكين وأصحاب نظرية التعلم الاجتماعي).
وتتلخص أهم الطرق الوقائية من المخاوف المرضية فيما يلي:
1.عدم تخويف الأطفال وكذلك عدم استغلال مخاوفهم للسيطرة عليهم وضبط سلوكهم.
2.تبصير الأطفال بالأشياء المؤذية، وتوضيح ما فيها من تهديد لحياتهم، وبيان كيفية الحذر منها والبعد عنها، حتى تكون استجاباتهم مناسبة لما فيها من أخطاء.
3.تشجيع الطفل على الاعتماد على نفسه، وتحمل المسؤولية حتى يتعود على الجرأة والإقدام.
4.تدريب الآباء والأمهات أنفسهم على ضبط انفعالات الخوف عندهم لإخفاء مخاوفهم عن أطفالهم حتى لا يتعلموها بالملاحظة والتقليد. ولهذا فلا بد أن يكون الوالدان نموذجاً للهدوء والتفاؤل والاستجابة بشكل مناسب.
5. تقليل قلق الأمهات على أطفالهن؛ لأنه كلما كانت الأم قلقة أو خائفة على طفلها، كلما قلق الطفل أيضاً وخاف على نفسه.
6.التقليل من تحذير الآباء لأبنائهم أو تأنيبهم أو تحقيرهم وإهانتهم أو ضربهم؛ لأن مثل هذه التصرفات من الآباء تضعف في أبنائهم الثقة بالنفس، وتجعلهم هيابين جبناء، يشعرون بالتهديد والخوف من أشياء ومواقف كثيرة.
7.إذا حدث ما يزعج الطفل ويخيفه فلا بد من مناقشته وتبصيره بالحادث بأسلوب يناسب فهمه وإدراكه، ومساعدته على حل الصراعات التي قد تنشيء مثل هذه المواقف.
8.لا بد أن توجد رقابة علمية وتربوية على المطبوعات المحلية والمستوردة وكل ما يذاع ويبث عبر الراديو والتلفزيون وأفلام الفيديو حتى نجنب أطفالنا من الأضرار النفسية.
علاج المخاوف المرضية:
إذا تأصل الخوف عند الطفل وأصبح خوف مرضياً، فإن الحديث المباشر مع الطفل على أن ما يخاف منه لا يسبب له أذى، كما أن حث الطفل على التغلب على مخاوفه وتحقيرها لا يفيد كثيراً، ولا بد من استخدام العلاج النفسي وفنياته في علاج المخاوف المرضية (الفوبيا)، وأكثر هذه الطرق استخداماً ما يلي:
أ. العلاج بالاستبصار: Insight Therapy
وهو نوع من العلاج النفسي يقوم على الكشف عن صراعات الطفل وتبصيره بها ومساعدته على حلها وتنمية ثقته بنفسه ومن حوله، وتعدیل مفهومه عن ذاته وتعديل اتجاهاته نحو والديه وأخوته وأصدقائه ومدرسيه. بالإضافة إلى ذلك فلا بد من تبصير الوالدين والمدرسين وكل من له علاقة بمخاوف الطفل وضرورة المساهمة في علاج هذه المخاوف. فعلاج المخاوف المرضية عند الأطفال يعتمد على تعاون المحيطين بالطفل إلى حد كبير.
ب.العلاج السلوكي: Behavior Therapy
بهدف العلاج السلوكي إلى تعديل السلوك Behavior Modification ويتم ذلك عن طريق تحديد السلوك المطلوب تعديله والظروف التي يحدث فيها ذلك السلوك وتعديل العوامل المسؤولة عن استمرار السلوك المضطرب، ويحدث ذلك عن طريق إضعاف استجابات الخوف عند الطفل الذي يعاني من المخاوف المرضية وتقوية استجابات عدم الخوف من الموضوعات التي تعلم الخوف منها.
وأهم طرق العلاج السلوكي المتبعة في علاج المخاوف المرضية ما يلي:
1.خفض الحساسية المنظم للإحساس بالخوف:
الهدف من هذه الطريقة مساعدة الطفل الذي يعاني من المخاوف المرضية ليصبح أقل حساسية تجاه الموضوعات المثيرة لهذه المخاوف، ويتم ذلك عن طريق اقتراب الطفل تدريجياً من الأشياء التي يخافها سواء أكان ذلك في مواقف حقيقية أو عن طريق التلفزيون أو عن طريق التخيل. لذلك ينبغيعدم إجبار الأطفال على التربيت على كلب يخافون منه، فالطريقة المثلى هي ترك الأطفال يراقبون كلاباً يتم إطعامها من وراء النافذة ثم يراقبون كلاباً في الغرفة نفسها، ويقومون بإطعام الكلب بأنفسهم.
فالتقدم التدريجي يؤدي إلى تزايد الشجاعة شيئاً فشيئاً. ومن الممكن أن تقرأ للطفل قصصاً عن الكلاب، وأن تتاح لهم فرصة اللعب مع الجراء الصغيرة بدلاً من اللجوء إلى أسلوب الإقناع فحسب، مما يؤدي إلى تناقص المخاوف عند الطفل.
إن تقريب الطفل التدريجي من الموضوع المخيف وهو مسترخ وفي حالة نفسية طيبة تجعل الموقف المؤلم ممتعاً وغير مؤلم مما يغير استجابة الطفل وانتقاله من الخوف إلى الأمن والطمأنينة.
2.ملاحظة نماذج الشجاعة مع التشجيع المقرون بالشرح اللفظي:
وهذه الطريقة تساعد في تقليل الحساسية، خلال الملاحظة يتعلم كيف يتعامل مع الأفراد غير الخائفين في المواقف المخيفة. فالملاحظة تقنع بعض الأطفال بأن ما يخافون منه هو في الواقع لا خطورة فيه ومثال ذلك: أن تعرض على الطفل أفلام كرتونية فيها الشيء الذي يخاف منه، ويلاحظ أيضاً الأطفال الآخرين يشاهدونه وهم فرحون مسرورون. فيقوم الطفل بتقليدهم في سلوك الشجاعة هذا ويتخلى عن مخاوفه ويجعله يقبل على الموضوع المخيف بارتياح شأنه شأن غيره من الأطفال، ومن المفضل في هذه الطريقة المزاوجة بين الشرح اللفظي وتشجيع الطفل مادياً أو جسمياً على مواجهة الموقف المخيف بالتدريج وذلك بوجود الوالدين. وهذا من شأنه أن يساهم في تهدئة الطفل.
فكلمات الشرح اللطيفة من قبل الوالدين تعتبر إثابة للطفل من أجل كفت استجابة الخوف ليتعلم استجابات أخرى أكثر نضجاً.
3.الاسترخاء:
إن استرخاء عضلات الطفل الخواف يعارض ظهور الشعور بالخوف عنده (إشراط مضاد). فالاسترخاء يساعد الطفل على التركيز الإيجابي، فالخوف من الظلام مثلاً يمكن أن يضاد عن طريق الاسترخاء التام، ويتم تدريب الطفل على فعالية الاسترخاء وهو في سريره أولاً؛ ليستطيع استخدامه في المواقف المثيرة للخوف، حيث يتمكن من الاسترخاء لمجرد الإثارة أو كلمة بسيطة مثل (استرخ)، كما يمكن تدريب الطفل على الاسترخاء بفاعلية في أثناء وجوده في حمام دافيء مما يكسبه طريقة للتغلب على الخوف عندما يذهب إلى النوم فيقوم بإرخاء عضلاته ويتخيل نفسه في حمام دافيء.
ويمكن استخدام الاسترخاء مع خفض الحساسية التدريجي من الموضوع المخيف للطفل بحيث يتم وصف مشاهد تزداد في قوة إخافتها للطفل شيئاً فشيئاً، ويقوم الطفل بالاسترخاء في كل مرة يشعر فيها بالخوف من المشهد الذي يتم وصفه، كما يمكن استخدام طريقة التأمل لتهدئة الطفل عن طريق التنفس ببطء وانتظام وبتناغم مع العد ببطء أيضاً، ومن المفضل أن يتعلم الطفل التأمل بعد أن يتمكن من الأسترخاء العضلي التام.
4.الإيحاء الذاتي:
إن تعليم الطفل كيفية الإيحاء الذاتي (التحدث مع الذات) بشكل صامت يمكن أن يحسن من مشاعره نحو الموضوع المخيف.
فالتفكير بالأشياء المخيفة يجعلها تبدو أكثر خوفاً، في حين أن التفكير بأفكار إيجابية تؤدي إلى سلوك اهدأ. ومثال ذلك:
⁃ (أستطيع أن أواجه ذلك)
⁃ (إنني أصبح أكثر شجاعة)
⁃ (أزمة وتمر)
⁃ (كل شيء سيكون على ما يرام)
⁃ (أنا بخير)
⁃ (إنها مجرد تخيلات)
⁃ (الوحوش لا توجد إلا في الأفلام وبعيداً عن الناس)
كما يمكن تدريب الأطفال على كيفية إيقاف أفكارهم المخيفة بمجرد قول (توقف) وبعدها يقولون لأنفسهم عبارات إيجابية مضادة.
المصدر:
الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.