القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أسباب الاكتئاب عند الأطفال:

 

لا بد من أخذ الأسباب الفيزيولوجية بعين الاعتبار في حالة ظهور الاكتئاب عند الأطفال عندما يكونوا في البداية جيدي التكيف ثم تحدث لهم استجابات اكتئابية بشكل مفاجىء أو تدريجي. ويرى سلاتر Slater أن انتقال مرض الاكتئاب يتم إرثيا بوساطة الجينات المتعددة. فالظهور المبكر لمرض الاكتئاب معناه أنه مشبع بالعامل الوراثي.

 

بالإضافة إلى ذلك، تلعب العوامل الكيميائية الحيوية دوراً في حدوث استجابة الاكتئاب، حيث يحدث تغيرات في الأمينات الدماغية عند مرضیالاكتئاب. 

 

كما وجد أيضاً أن هناك تزايداً في نشاط القشرة الكظرية عند مجموعة من مرضی الاكتئاب، وارتفاعاً في مستويات الكورتيزول المصورة (الذي يفرز من قشرة الكظر)، بالإضافة إلى وجود اضطرابات في الغدة الدرقية، أو فقر دم ناتج عن نقص الحديد أو اضطرابات في سكر الدم واضطرابات في نسبة الصوديوم في الدم (زيادة ملحوظة في نسبة الصوديوم). في حين أن نسبة الكالسيوم في الدم تنخفض؛  نتيجة لارتفاع نسبة الصوديوم، وتقل نسبة طرحه في البول. 

 

 

الأسباب النفسية: 

 

1.تدني مفهوم الذات: 

 

أكدت الدراسات وجود ارتباط دال بين الاكتئاب ومفهوم الذات عند أطفال المدارس، حيث وجد أن الأطفال الذين يعانون من مرض الربو لديهم اعتبار ذات متدني بالمقارنة مع الأطفال العاديين (الأصحاء)، وأن الإناث يتأثرن أكثر من الذكور. أن الأطفال الذين أجابوا على اختبار الاكتئاب تبين أنهم يعانون من تدني اعتبار الذات بالمقارنة مع زملائهم بشكل مرتفع وبلغت هذه النسبة 56.5%.

 

2.الضغوط النفسية المدرسية: 

 

فالنظام المدرسي الذي يقوم على العقاب والقسوة، والضرب والتوبيخ يؤدي إلى شعور الطفل بالخوف من المدرسة وفقدان الثقة بالراشدين، والاكتئاب. وقد وجد بندلتون Pendleton  أن المشكلات الانفعالية التي يعاني منها الأطفال ومنها الانسحاب والاكتئاب هي نتيجة حتمية للضغوط المدرسية. فالعقاب غير العادل من قبل الكبار والموجه نحو الأطفال يثير التعاسة عندهم، والنفور والكراهية من الكبار ويتبعه ظهور الاكتئاب.

 

 

 

3.الإحباط: 

 

إن الأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم بشكل مباشر نحو الآخرين يميلون إلى توجيه غضبهم نحو ذواتهم، ويميلون إلى التقليل من قيمة ذواتهم ويلجأون إلى الاعتداء على أنفسهم بطريقة ما وقد يكون الانتحار أحد هذه الطرق. فالانتحار هنا يأتي بعد قناعة الطفل بأنه لا يستطيع التوافق مع الظروف المحيطة، ويشعر بالعجز واليأس مما يجعله يفضل الموت على الحياة. كما أن بعض الآباء يمتلكون دوافع للانتحار قوية لأنفسهم ولأطفالهم، وهم لا يتقبلون أي تعبير عن الفشل أو الإحباط من قبل الأطفال ولا ينصتون لما يعترض أبناءهم من مشکلات مما يجعل الطفل يتخلى عن الاتصالات بوالديه ويصبح اكتئابياً. 

 

 

4.فقدان الوالدين أو أحدهما: 

 

پری فرويد بأن فقدان الطفل لوالديه أو أحدهما يؤدي إلى حالة الحزن الشديد الذي يتطور إلى الاكتئاب المرضي، حيث أن الطفل (الأنا) عندما يشعر بأن موضوع الحب (الوالدين أو أحدهما) قد اختفى من الوجود يؤدي به إلى الشعور بالحزن والاكتئاب خاصة إذا كان الشخص المفقود يمثلللطفل الأنا الأعلى، مما يجعله يوجه الكراهية والحقد إلى ذاته ويميل إلى تحطيمها وتدميرها. ولكن تأثير هذا الفقدان الوالدي يتأثر بعمر وجنس الطفل حينما يتعرض لخبرة الفقدان. 

 

وقد دلت الدراسات أن الأطفال الصغار (دون سن السادسة) يكونون أكثر تأثراً بهذا الفقدان من الأطفال الأكبر سناً. كما أن فقدان الأبوين قبل سن 15 سنة، يعد من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الاكتئاب عند الأطفال وقد تؤدي إلى الانتحار.

 

5.الميل إلى جذب انتباه الآخرين وحبهم والانتقام منهم: 

 

كثيراً ما يعبر الأطفال عن شعورهم بالاكتئاب كوسيلة لجذب انتباه الآخرين وكسب حبهم، خاصة عندما لا يبدي الآخرون الاهتمام بهؤلاء الأطفال، ولا يجدون وسيلة لجذب انتباههم بالطرق الأخرى. 

 

من جهة أخرى يلجأ الطفل إلى الاستجابة الاكتئابية كوسيلة للانتقام من الكبار، حيث يصبح الأطفال شديدي الغضب عندما يشعرون بأنهم لا يحصلون على الحب الكافي من الكبار، فيلجأون إلى تلقينهم درساً من خلال استجاباته الاكتئابية وميلهم إلى الانتحار. وقد يكون الانتحار طريقة للتخلص من مواجهة هؤلاء الذين يسببون الألم أو الإهانة لهؤلاء الأطفال. 

 

 

6. التخلص من التوتر: 

 

قد يكون الاكتئاب وسيلة للتخلص من التوتر، عندما لا يتمكن الأطفال من السيطرة على ذلك بطريقة مناسبة. أما اللجوء إلى الانتحار فقد يكون وسيلة لإنهاء حالة التوتر المستمر عند الأطفال عندما لا يمكن التخلص منه. 

 

 

الأسباب الاجتماعية: 

 

1.التفكك الأسري: 

 

إن الأسرة المفككة والمتنافرة، كما في حالة عدم الانسجام بين الوالدين، والأب السكير أو المقامر أو الغياب الطويل مما يجعل الأب ضعيف الحيلة لا يستطيع التصرف، كما يجعل الأم غير متكيفة ولا تتمتع بصحة نفسية جيدة، ويصبح الطفل عاجزاً أو يتحول إلى راشد سيىء التكيف. 

 

وقد أشار أکرمان Ackerman إلى أهمية المناخ الوجداني والاتجاهات العاطفية المتفاعلة في الأسرة. بالإضافة إلى ذلك هناك الفشل وخيبة الأمل التي يواجهها الوالدان. كما أن الصراعات الأسرية المتكررة والشديدة تؤدي إلى شعور الطفل بالاكتئاب، وخاصة عند الطفل الأكثر حساسية.

 

2.الأسر المريضة: 

 

أكدت العديد من الدراسات على أن الاكتئاب ينتقل من الأم إلى أبنائها، فقد وجد جودیسون وآخرون  أن هناك علاقة وثيقة بين اكتئاب الأم والمشكلات السلوكية عند الطفل في مدينة لندن، حيث تبين من خلال الدراسة أن أطفال الأمهات المكتئبات يختلفون عن أطفال الأمهات العاديات. فالأمهات المكتئبات يعجزن عن تقديم الأمن للأطفال مما يولد عند الطفل الشعور بالعجز والحزن والاكتئاب. 

 

فالاكتئاب ينخفض عندما يتوفر التعاطف بين الأم والأب. كما وجد دوماس وآخرون Domas & Others  من خلال فحص 51 أماً لديهن أعراض اكتئابية متضاربة، أن أطفالهن يكونون أقل توافقاً نفسياً واجتماعياً. 

 

كما توصلت دراسة سفران ودراسات أخرى غيرها إلى أن أطفال الآباء المكتئبين يختلفون عن أطفال الآباء غير المكتتبين من حيث التفاعل بين الأب والطفل. 

 

 

3.التنشئة الأسرية الخاطئة: 

 

أكدت الدراسات العديدة أن هناك علاقة بين الرفض الوالدي في فترة الطفولة المبكرة والإصابة بالاكتئاب لكل من الأبناء والآباء، كما أن الأمهات لا يستطعن التحكم في أطفالهن مما يزيد من 

المشكلات السلوكية عندهم. كما أن القسوة في المعاملة من قبل الأم يساعد في زيادة ظهور الاكتئاب عند الأطفال. بالإضافة إلى ذلك فإن سلوك عدم الطاعة الذي يظهر عند الأبناء يرتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجية الأمهات في تربية الأبناء. فالأطفال في عمر خمس سنوات مثلاً يستخدمون أساليب عديدة في عدم طاعة الأمهات حينما يطلب منهم أداء عمل معين، وأن الذكور أكثر رفضاً من الإناث. وقد وجد أن الأمهات المكتئبات أكثر تشدداً وحدةً في التعامل مع أبنائهن، قد تصل أحياناً إلى استخدام العقاب الجسدي. 

 

 

4.التقليد: 

 

لقد وجد أن أكثر من نصف آباء الأطفال المكتئبين هم مكتئبون أيضاً.  فالاستعداد للاكتئاب سمة موروثة، ولكن هذا الاستعداد يتحول إلى واقع من خلال العيش مع آباء مكتئبين. فالأطفال يقلدون سلوك آبائهم حيث يتعلم الطفل أن يكون حزيناً ومكتئباً عندما يشاهد أحد والديه، أو كليهما مكتئبين وحزينين.

 

 

5.شعور الطفل بالعزلة: 

 

إن شعور الطفل بالعزلة والنبذ الاجتماعي يؤدي إلى وقوعه في الاكتئاب. وقد يؤدي إلى الانتحار إذا كان هذا الشعور قوياً وكانت حالة الاكتئاب شديدة.

 

 

6.البطالة والفقر: 

 

إن إحساس الطفل بالفقر وعدم القدرة على إشباع احتياجاته الأساسية بالمقارنة مع الأطفال الآخرين يؤدي إلى شعوره بالاكتئاب. وقد أوضحت الدراسات العديدة أن انخفاض المستوى الاقتصادي، واضطراب العلاقات الاجتماعية بين الناس، عامل أساسي في انتشار الاكتئاب والرغبة في الانتحار

 

 

 

المصدر:

 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.