القائمة الرئيسية

الصفحات




لماذا يخاف الأطفال؟ (أسباب المخاوف عند الأطفال): 

 

فيما يلي من حديث سوف نتعرف على الأسباب التي تؤدي إلى المخاوف المرضية بشكل خاص؛ لأن أسباب الخوف الطبيعية عند الأطفال معروفة وواقعية ويمكن الكشف عنها بسهولة. في حين أن الأسباب الكامنة وراء المخاوف تكون أكثر تعقيداً؛ ولهذا نخصها بالذكر. وأهم هذه الأسباب ما يلي: 

 

1.الصدمات الانفعالية الشديدة والمؤلمة: 

 

قد تكون مخاوف الأطفال ذات علاقة بموقف مؤلم مخيف، كأن يذهب الطفل مع أمه أو أبيه إلى المستشفى، ويشاهد هناك الطبيب يقوم بعمل يثير الألم الشديد عند الطفل أو يرى الدم ينزف من طفل في المستشفى فيقوم الطبيب بخياطة الجرح والطفل يصرخ ويتألم. 

 

وهذا المنظر المؤلم والمفزع لدى الطفل الذي حضر مع والده إلى المستشفى يسبب له فيما بعد خوفاً من رؤية الطبيب أو حتى مجرد سماع اسمه؛ لأن مشاهدته ترتبط عند الطفل بموقف مؤلم.

 

كما أن الخبرة الصادمة في حالة الأطفال الصغار مع كلب ضال يمكن أن تؤدي إلى تعميم للخوف من جميع الكلاب وجميع الحيوانات ذات الفراء. 

 

وأيضاً فأن خبرة الطفل في الحمام وانزلاق رجله في الماء أو حرارة الصابون في العينين تؤدي إلى نفور الطفل من الحمام والخوف من الاغتسال نتيجة لهذه الخبرات المؤلمة. 

 

 

2.تخويف الأطفال: 

 

قد يلجأ الوالدان إلى أسلوب تخويف الأطفال إذا تأخر الطفل مثلاً عن النوم بعد ذهابه للفراش فيلجأ الوالد أو الوالدة إلى تهديد الطفل بأنه سوف يحضر له أحد الحيوانات المفترسة أو أن هذا الحيوان المفترس ينتظر خارج الباب وبأنه سوف يأكله إذا لم ينم! فكيف لمثل هذا الطفل أن ينام نوماً هادئاً وهو مهدد بهجوم مثل هذا الحيوان عليه؟ وكيف له أن يخرج خارج البيت والحيوان ينتظره؟ 

 

كما يخاف الطفل من الكلب إذا خوّفه والده منه، أو قص عليه قصصاً عن الكلب المفترس، وهكذا فإن هذا الطفل الصغير يصدق هذا التهديد وهو يتألم من الخوف، والذي يمكن أن يعممه على الحيوانات الأخرى المشابهة. ويبقى هذا التأثير إذا لم يعالج يؤثر في شخصيته حتى نهاية الحياة. لهذا فإن حشو دماغ الطفل بمثل هذه الخرافات والأوهام وإرهابه بالحيوانات المفترسة والأشباح والشعوذة تجعله يقضي الكثير من وقته في التفكير في هذه الخرافات مما يبدد طاقته الذهنية في أمور لا جدوى منها.

 

3.التقليد: 

 

يتعلم الأطفال الخوف في كثير من الأحيان عن طريق تقليد الكبار أو الأخوة أو الزملاء. وقد دلت الدراسات أنه يوجد لدى الطفل شديد الخوف واحد من الوالدين على الأقل مصاب بمخاوف شديدة. فالأم التي تخاف من الحشرات والصراصير والمرتفعات يصيبه ما أصابها من هلع أو خوف عند رؤيته مثل هذه الحشرات أو صعوده إلى تلك المرتفعات. فالخوف انفعال يكتسبه الطفل من البيئة التي يعيش فيها تماماً مثلما يتعلم أخلاقه أو ميوله أو اتجاهاته المختلفة. 

 

 

فالأطفال يكتسبون مخاوف والديهم عن طريق عمليات التقمص أو التعلم بالملاحظة.  كما يلجا أحد الوالدين إلى رواية خوفه أمام الأطفال أو أحدهم عن حيوانات معينة مما ينعكس على الطفل ويؤدي إلى شعوره بالخوف. كما أن الآباء الذين يخافون من عدم مقدرتهم على مواجهة مؤثرات الحياة يسهمون في تطوير نظرة إلى العالم قائمة على الخوف لدى أطفالهم. فقد أقر أغلب المرضى المتقدمين في السن والذين يعانون مخاوف في تقاريرهم أنهم عانوا من الخوف أثناء طفولتهم، وغالباً ما كانت أمهاتهم يعانين من مخاوف في طفولتهن.

 

ولهذا، فإن مخاوف الأطفال التي يتم تعلمها من هذا الطريق تكون على درجة خاصة من الثبات او البقاء.

 

 

4 .المشاهدات التي يراها الطفل من خلال التلفزيون والفيديو والكتب الهزلية: 

 

تحتوي مشاهد التلفزيون وأفلام الفيديو والكتب الهزلية على جميع أشكال العنف، والتأثير السلبي لمثل هذه المشاهد يظهر على شكل مزيد من الخوف والعدوان لدى مشاهدي العنف. فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون ممن تقع أعمارهم ما بين 7-11 سنة هم أكثر خوفاً من الأطفال من العمر نفسه والذين لا يشاهدون هذه البرامج.

 

فمشاهدة الطفل لفيلم مرعب فيه قتل وسفك دم وممارسة اعتداء ووحشية أو خطف أطفال يجعل الطفل يعتقد أن ما رآه في الفيلم الذي شاهده هو حقيقة وليس مجرد فيلم للتسلية، وأن ما حدث للطفل أو للأطفال أو الكبار في الفيلم يمكن أن يحدث له. ولهذا يصاب الطفل بالخوف ويرفض النوم وحده في الغرفة المظلمة خوفاً من أن يمسه الأذى الذي شاهده في الفيلم؛ لأن الطفل بعد مشاهدته لفيلم مزعج يبدأ بالاعتقاد بأنه سوف يهاجم في غرفته بوساطة الشخص الذي في الفيلم. 

 

 

5.الخوف المرضي:

 

قد يكون الخوف المرضي - من وجهة نظر فروید - وسيلة هروبية لحماية الشخص من الإفصاح عن رغباته المكبوتة أو الاعتراف بحقيقة مشاعره فالخوف هنا عبارة عن وسيلة دفاع لحماية الفرد من رغبة لا شعورية مستهجئة جنسية أو عدوانية غالباً، أو أنه يتعلق بكره غير ظاهر أو رغبة دفينة

 

 

6.المخاوف: 

 

تنشأ المخاوف - حسب رأي المدرسة السلوكية - عن طريق التعلم. فالطفل يتعلم الخوف عن طريق الربط بين شعوره بالخوف الشديد في بعض المواقف وبعض الأشياء أو الحيوانات أو الموضوعات ثم ينسی کیف تم هذا الربط. فتعلم الطفل (ألبرت) للخوف حسب ما ذكره (واطسن) والذي لم يكن يخافمن الفئران البيضاء، علمه واطسن الخوف منها بأن قدم له فأراً أبيض وقرع من خلفه قضيبين من الحديد فخاف الطفل من الصوت العالي الصادر عنهما. 

 

وبتكرار العملية ربط الطفل بين الفأر الأبيض والصوت المزعج مما أدى إلى تعلم الطفل الخوف من الفأر الأبيض وعمم هذا الخوف حتى أنه أصبح يخاف من كل الحيوانات ذات الفراء الأبيض.

 

7.الأسباب الأسرية: 

 

والظروف الأسرية المضطربة والتي يسودها التوتر والمشاحنات المستمرة بين الأبوين أو بين الأخوة أو بين الآباء والأبناء تؤدي إلى الشعور بعدم الأمن فالأطفال الذين لا يشعرون بالأمن يحسون أنهم أقل قدرة من غيرهم على مواجهة المخاوف، وتتطور هذه المشاعر وتتضخم عند الطفل لتصبح على شكل خوفي مرضي. 

 

بالإضافة إلى ذلك فإن أساليب التربية المتزمتة أو العطف الزائد وعدم المساواة بين الأطفال يمكن أن توجد الخوف عند الأطفال وهذا الخوف يتطور لديهم ليصبح على شكل خوف مرضي وفقد الثقة بكل المحيطين. كما أن توقعات الآباء المبالغ فيها من الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الخوف من الفشل عند الأطفال، فالآباء الذين ينزعون إلى الكمال الزائد كثيراً ما يعاني أطفالهم من الخوف، فهم لا يستطيعون تلبية متطلبات الوالدين ويخافون من محاولة ذلك. بالإضافة إلى ذلك فإن نقد الأطفال الزائد يطور لدى الطفل شعور بالخوف بعدم المقدرة على عمل الأشياء الصحيحة. 

 

وهم يتوقعون دائماً الاستجابات السلبية مما يظهر لديهم الجبن والخنوع. كما أن التهديد المتكرر بالتقييم السلبي يؤدي إلى نتيجة مشابهة. فالطفل الذي يكرر توبيخه لتوسيخ ملابسه تكون النتيجة أن الطفل يخاف من الاتساخ لديه، وقد يعمم هذا الخوف ليصبح خوفاً من الفوضى أو عدم الانتظام.

 

 

المصدر: 

 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.