كيف استعملت الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي؟
تحدث الجمرة الخبيثة في جميع أنحاء العالم، وتكون أكثر شيوعاً في المناطق الزراعية التي تفتقر لبرامج سيطرة كافية على الجمرة الخبيثة عند المواشي. تشمل هذه المناطق أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى|الوسطى وأوروبا الجنوبية والشرقية وافريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي والشرق الأوسط. لقد كانت الجمرة الخبيثة نادرة جداً في الولايات المتحدة قبل عام 2001 ولم يكن هناك حالات مسجلة عند البشر بين عامي 1993 - 2000.
المستودع: إن المستودعين الرئيسين للجمرة الخبيثة هما الحيوانات المصابة والتربة. وإن أبواغ الجمرة الخبيثة مقاومة بشدة للعوامل الفيزيائية والكيماوية، وتبقى حية في البيئة المحيطية عدة سنوات، ويمكنها أن تبقى هاجعة في بعض أنماط التربة لعدة عقود.
الانتقال:
إن الطريقة الأشيع لانتقال الجمرة الخبيثة هي التماس المباشر مع الحيوان المصاب. ويمكن للعصية الجمرية أن تدخل الجسم من خلال آفة جلدية موجودة سابقاً، كما يمكنها أن تدخل بشكل غير مقصود عن طريق الأذية بأداة ملوثة وتكون النتيجة في هذه الحالة حدوث الجمرة الخبيثة الجلدية. وفي بعض الظروف يمكن للنواقل vectors مثل الذباب والنسور أن تنشر جراثيم الجمرة بشكل آلي، لكن لا يعتقد أن للنواقل دوراً هاماً في خمج الإنسان. كما يمكن أن تنتقل عصيات الجمرة الخبيثة عن طريق لحوم الحيوانات المصابة إذا ما تم تناولها دون طهي جيد.
قد تنتقل العصية الجمرية أيضاً عن طريق استنشاق الأبواغ المحمولة بالهواء أو الأبواغ الموجودة بشكل ضبوبي. يبلغ قطر أبواغ العصية الجمرية في الطبيعة 2 - 6 میکرون، وإذا انتشرت في الهواء بشكل ضبوبي نتيجة إجراء عمليات معالجة صناعية للمنتجات الحيوانية الملوثة أو نتيجة هجوم بيولوجي فإن الجزيئات التي يزيد قطرها عن 5 میکرون تسقط بسرعة من الجو وتعلق على أي سطح. ويصبح من الصعب تعليقها في الهواء ثانية، لكنها يمكن أن تبقى في البيئة عدة سنوات. أما الأبواغ ذات الأقطار بين 2 - 5 میکرون فتسلك سلوك الغاز، وتتحرك في البيئة بدون استقرار، ويمكنها أن تعبر مسام الورق كما حدث في المرافق البريدية بعد هجمات الجمرة في عام 2001. إن الأبواغ التي يقل قياسها عن 5 میکرون صغيرة لدرجة يمكنها (إذا استنشقت) أن تصل إلى الطرق التنفسية السفلية وتسبب الجمرة الخبيثة الاستنشاقية.
إن حدوث الجمرة الخبيثة بشكل طبيعي نادر جداً في الولايات المتحدة. وإن الأشخاص المعرضين لخطر الجمرة الخبيثة هم بشكل رئيس أولئك الذين على تماس مع الحيوانات المصابة، ورغم حدوث الجمرة الخبيثة عند الحيوانات في الولايات المتحدة فإن هذه الطريقة في الانتقال نادرة. كذلكفإن موظفي المخابر وغيرهم من الأشخاص الذين على تماس مع أبواغ العصية الجمرية قد يكونون معرضين لزيادة خطر الإصابة على الرغم من أنه لم يسجل سوی حالتين من الجمرة الخبيثة المرافقة للمخبر (كانت كلتاهما جمرة خبيثة استنشاقية).
في الماضي كان من الممكن حدوث الإصابة عند الأشخاص الذين يتعاملون مع صوف الحيوانات المصابة أو شعرها أو جلودها أو عظامها. لكن التحسينات التي حدثت على الزراعة الحيوانية animal husbandryوالشروط الصارمة المفروضة على استيراد منتجات الحيوانات جعلت هذا المصدر من الخمج نادراً جداً.
الاتجاهات العامة:
أكثر ما تحدث الجمرة الخبيثة عند الحيوانات العاشبة التي تصاب عن طريق التهام الأبواغ من التربة أو استنشاقها. أما إصابة الإنسان بشكل طبيعي فتحدث بعد التماس مع الحيوانات المصابة بالجمرة الخبيثة أو مع منتجاتها الملوثة.
يصعب تقدير نسبة الحدوث الحقيقية للجمرة الخبيثة عند الإنسان في العالم؛ نظراً لأن التبليغ عن حالات الجمرة الخبيثة غير موثوق به. وقد حصل أكبر وباء بشري بالجمرة الخبيثة حديثة في زيمبابوي خلال الفترة بين عامي 1978- 1980، حيث حدثت 9.445 حالة، من ضمنها 141 حالة وفاة (1.5 ٪).
أما في الولايات المتحدة فقد انخفضت نسبة الحدوث السنوية للجمرة الخبيثة عند الإنسان من 130 حالة في السنة تقريباً في مطلع القرن العشرين إلى أن انعدمت الحالات خلال الفترة ما بين عامي 1993 - 1999، وفي عام 2000 سجل حدوث حالة وحيدة من الجمرة الخبيثة الجلدية، وكانت مرتبطة مع جائحة للجمرة عند حيوانات المزارع في داكوتا الشمالية. بينما لم يسجل سوى 18 حالة جمرة خبيثة استنشاقية خلال القرن العشرين، حدث آخرها في عام 1976. أما الجمرة الخبيثة الهضمية فلم يسجل حدوثها في الولايات المتحدة.
باستثناء الحالة الوحيدة التي حدثت في عام 2000 فقد كانت كل الحالات التي حدثت في الولايات المتحدة منذ عام 1993 ناجمة عن التعرض لهجوم بيولوجي متعمد. ففي شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوڤمبر/تشرين الثاني من عام 2001 سجل حدوث 22 حالة (11 حالة استنشافية، 11 حالة جلدية).
وكانت عصيات الجمرة موضوعة في مغلفين على الأقل، وقد أرسلا عبر بريد الولايات المتحدة. تعرضت معظم الحالات للخمج في مرافق الفرز البريدي أو أنها كانت على تماس مباشر مع المغلف الملوث. إن مصدر عصيات الجمرة المستخدمة في هذه الهجمات غير معروف.
المصدر:
المرجع الشامل في اللقاحات، د. عماد محمد زوكار، د. محمد أحمد نوح، دار القدس للعلوم، الطبعة الأولى 2005.