الأمراض الرئوية عند الأطفال I (أمراض الطريق الهوائي العليا الانسدادية):
تحتل الأمراض التنفسية المركز الثاني بين الأسباب الرئيسة للموت عند الأطفال دون عمر أربعة سنوات في الدول المتطورة Developed countries.
وتعتمد مبادلة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون المثالية على كفاية وظيفة العديد من مكونات الفيزيولوجيا الرئوية.
إن التبدلات في الطرق الهوائية العلوية أو السفلية (الأمراض الانسدادية) Obstructive diseases أو تبدلات المطاوعة (أمراض الرئة الحاصرة) Restrictive pulmonary diseases، أو عدم توافق التهوية - التروية في البارانشيم الرئوي أو شذوذات التحكم بالتهوية، كل ذلك يمكن أن يؤدي لمرض رئوي هام سريرياً.
أمراض الطريق الهوائي العلوي الانسدادية: UPPER AIRWAY OBSTRUCTIVE DISEASE
يمتد الطريق الهوائي العلوي من الأنف إلى الجؤجؤ Carina. إن بعضاً من هذه البنيات يقع داخل الصدر (القسم البعيد من الرغامي وما بعده)، وبعضها خارج الصدر (الأنف، البلعوم، الحنجرة، القسم القريب من الرغامی). ويمكن أن يؤدي الانسداد أو خلل الوظيفة في أي من هذه البنيات في الطريق العلوي لحدوث المرض.
الوليد THE NEONATE:
يعتبر رتق قمع الأنف Choanal atresia أشيع التشوهات القريبة في الطريق الهوائي العلوي. ويوجد في هذا المرض حاجز عظمي أو غشائي بين الممر الأنفي والبلعوم أحادي الجانب أو ثنائي الجانب، وهذا الحاجز يمنع جريان الهواء جزئياً أو كلياً عبر الأنف.
يمكن للرض خلال الولادة المهبلية أن يؤدي إلى أذية العصب الحنجري الراجع مع شلل الحبل الصوتي (مع انسداد جزئي على مستوى الحبلين الصوتيين). أما المرض الناجم عن التنبيب المديد فيمكن أن يؤدي إلى تضيق هام ومديد تحت المزمار Subglottic stenosis (تضيق الطريق الهوائي العلوي).
وقد يؤدي الغضروف غير الناضج إلى رخاوة في الحنجرة أو الرغامى (بشكل أقل تواتراً)، مع الميل للانغلاق، وتدعى هذه الحالة تلين الحنجرة Laryngomalacia أو تلين الرغامى Tracheal malacia.
وقد ينسد الطريق الهوائي العلوي أيضاً؛ بسبب التشوهات الخلقية مثل الأورام الدموية أو الوترات webs الحنجرية أو الحلقات الوعائية. إن صفر المنطقة تحت البلعوم (تترافق مع متلازمة بيير - روبين) أو كبر اللسان (في متلازمة داون) يمكن أن يؤديا أيضاً للانسداد. وقد يؤدي توقف التنفس في فترة الرضاعة (الذي سنستعرضه في مقالة مفصلة لاحقة ضمن سلسلة الأمراض الرئوية عند الأطفال) إلى
الانسداد الجزئي.
التظاهرات السريرية: Clinical Manifestations
يتظاهر انسداد الطريق الهوائي العلوي عادة بدلائل على صعوبة الشهيق، وتشمل الأعراض والعلامات الصرير وتسرع التنفس والعسرة التنفسية والسحب الشهيقي وأحياناً توقف التنفس.
من المهم أن نتذكر أن الرضع الصغار مجبرون على التنفس عبر أنفهم. ولذلك فإن رتق قمع الأنف (انسداد المنخر الخلفي) ثنائي الجانب يمكن أن يؤدي إلى زرقة هامة في غرفة الولادة وهو حالة مهددة للحياة.
وإذا كان الانسداد أحادي الجانب فقد لا تصبح الزرقة واضحة إلا أثناء الإرضاع. كما قد تدل بحة الصوت أو غياب البكاء على خلل وظيفة الحبل الصوتي.
التقييم التشخيصي: DIAGNOSTIC EVALUATION
يمكن لقياس الأكسجة النبضي أن يقيم بسرعة مستوى نقص الأكسجة، لكن قد يكون من الضروري إجراء قياس لغازات الدم الشريانية لتقييم درجة الضعف التنفسي عند الرضيع المصاب بالضائقة التنفسية.
إن عدم القدرة على إمرار الأنبوب الأنفي المعدي يقترح وجود رتق قمع الأنف، وقد تظهر صور العنق الجانبية تضيقاً تحت المزمار لكن قد يكون من الضروري إجراء التنظير القصبي لإثبات شذوذات الحبل الصوتي أو تلين الرغامى والحنجرة.
إن صورة الصدر chest X- ray، التي تظهر قوساً أبهرياً يمني، يجب أن يستدعي التفكير بالحلقة الوعائية. وقد تساعد اللقمة الباريتية في إظهار الشذوذات الخلقية في الجوف الصدري بما فيها الحلقات الوعائية والنواسر الرغامية المريئية والتضيق تحت المزمار والأشكال الأخرى من انضغاط الطريق الهوائي المركزي.
المعالجة Treatment:
يمكن متابعة الصرير الخلقي الخفيف إلى المعتدل بالمراقبة اللصيقة، لكن أي درجة من الانسداد قد تثار بالأخماج التنفسية. إن الضائقة التنفسية الشديدة تستدعي التنبيب الرغامي المباشر endotracheal tube، وتحتاج بعض الاضطرابات إلى خزع الرغامي الجراحي لتجاوز الانسداد على المدى البعيد. وتحتاج الحلقات الوعائية، ورتق قمع الأنف إلى الإصلاح الجراحي.
الطفل الأكبر OLDER CHILD:
قد ينجم الانسداد في الطريق الهوائي العلوي عند الطفل الأكبر عن الشفاء غير التام للحالات الخلقية عند الرضيع، لكن الحدثيات الإضافية يجب التفكير بها، إن عدداً من الأسباب الخمجية بما فيها التهاب لسان المزمار والخراج حول اللوزة والخراج خلف البلعوم وداء وحيدات النوى الخمجي والتهاب الرغامى الجرثومي والخانوق (الكروب) هي أسباب هامة لانسداد الطريق الهوائي العلوي.
يسبب التأق Anaphylaxis انسداداً حاداً في الطريق الهوائي العلوي. ومن الأسباب الهامة الأخرى للانسداد في الطريق الهوائي العلوي عند الأطفال الكبار هي، ضخامة اللوزتين والغدانيات والسليلات الأنفية والبدانة الشديدة.
تميل الأسباب المزمنة للانسداد للتظاهر على شكل توقف تنفس انسدادي أثناء النوم عند الطفل الأكبر ؛ لأن المقوية البلعومية المسترخية أثناء النوم تثير الانسداد.
توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea (OSA:
يتطور عند الأطفال المصابين بتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم نوبات دورية من توقف التنفس أثناء النوم، ورغم الاتصال الطبيعي على طول السبل الواصلة بين جذع الدماغ وعضلات التنفس، فإنه يحدث انسداد تام للطريق الهوائي (بسبب المقوية الناقصة المتراكبة على الشذوذات التشريحية) فيمنع هذا الانسداد جریان الهواء.
تشمل أعراض توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم عند الأطفال كلا من الشخير أو اللهاث Gasping أو النوم المزعج والصداع الصباحي والنوم الشديد النهاري ونقص سرعة النمو ومشاكل السلوك. وعند الأطفال الأكبر والبالغين يدعى توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم مع البدانة وفرط الكاريمية المزمن متلازمة بيك ويکيان Pickwickain syndrome. إن الأشيع عند الأطفال هو الانسداد الناجم عن الشذوذات التشريحية (ضخامة اللوزتين والغدانيات، کبر اللسان) أو عدم كفاية مقوية الطريق الهوائي (تلين الرغامى أو تلين الحنجرة). إن جهاز Polysomnography الذي يقيس الجهد التنفسي وجريان الهواء والأكسجة وسرعة القلب، يمكن أن يكون مساعداً في تحديد نمط وشدة نوبات توقف التنفس.
تتحسن الأعراض عند بعض الأطفال باستئصال الغدانيات أو اللوزتين أو كليهما. وتشمل المعالجات الأخرى التهوية المستمرة بالضغط الإيجابي (CPAP) طيلة الليل أو إجراء خزع الرغامي في الحالات المعندة، يمكن لتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم الشديد أن يؤدي إلى القلب الرئوي (قصور القلب الأيمن) الذي ينجم عن فرط التوتر الرئوي المزمن والموت في النهاية.
حقائق هامة:
• يؤدي انسداد قمع الأنف ثنائي الجانب إلى الزرقة في غرفة الولادة وهو حالة جراحية إسعافية.
• يمكن لتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (OSA) أن يؤدي إلى مشاكل سلوكية وضعف الأداء المدرسي.
• إن مخطط النوم المتعدد Polysomnography هو المعيار الذهبي لتشخيص توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (OSA).
المصدر:
مبادئ طب الأطفال، د.عمار محمد زوكار (طبيب مشرف في مشفى دمشق/قسم طب الأطفال)، دار القدس للعلوم، دمشق - سوريا، الطبعة العربية الأولى، 2008.