القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أسباب سوء التوافق النفسي والاجتماعي عند الأطفال: 

 

مفهوم التوافق:

 

التوافق كما يراه سلوتكن Siotken مسألة معيارية مرتبطة بنوع الحضارة والثقافة التي يعيش في كنفها الفرد. فالتوافق نسبي، وهو حالة استقرار مؤقت للاتزان الحيوي والنفسي. 

 

ويؤكد شوبن Shoben نسبة التوافق، إلا أنه يضع محكاً للتوافق يقدر بمدى نمو إمكانات الفرد ومدی توظيفها وتحقيقها في الواقع.

 

 

 

لماذا يحدث سوء التوافق عند الأطفال؟ 

 

إن سوء التوافق يحدث نتيجة إحباط الدوافع وعجز الطفل عن إشباع حاجاته. وسوء التوافق عند الطفل لا يكون مرتبطاً بإحباط دوافعه بشكل مباشر، بل إن عوامل أخرى كثيرة تسبب سوء التوافق عنده.

 

فالصراع الذي يتعرض له الطفل والذي يحاول بعدة وسائل مواجهته والتغلب عليه يولد أحياناً استجابة فسيولوجية داخلية، بالإضافة إلى الاضطرابات السلوكية الأخرى. والاستجابة الفسيولوجية تعني أن الطفل يصبح في حالة توتر واستثارة للتعامل مع الصراع، مما يجعله أكثر عصبية وقلقاً وخوفاً وانزعاجاً وغضباً وإحباطاً. 

 

فالطفل عندما يولد له أخ صغير، يشعر بأن هذا الصغير أتى ليحل محله ويسلبه العطف والحنان والاهتمام من والديه والذي كان يحصل عليه قبل ولادة أخيه الصغير. إن هذا الوضع يسبب للطفل الأكبر قلقاً واضطراباً في النوم. وتصبح علاقته وتصرفاته غريبة، وحركاته مضطربة، كما أنه يمتنع عن الأكل كل ذلك قد يؤدي بالطفل الأكبر إلى ضرب أخيه الأصغر ومحاولته التخلص منه بالضرب أو بالخنق ليعود إليه والداه وحنانهما الذي يشعر أنه فقده. 

 

كما أن عيش الطفل مع أحد والديه نتيجة الوفاة أو الطلاق وخاصة مع زوجة الأب يشعر الطفل بالحرمان من أمه التي كانت معه دوماً، كما يشعر بأنه منبوذ من قبل زوجة الأب وأنها تعامله بقسوة، فيؤدي إلى شعوره بالاكتئاب والإحباط أو يهرب من المنزل ليلتحق بأقران السوء ويكون السبب في انحرافه واضطراب سلوكه وسوء توافقه النفسي والاجتماعي.

 

كما أن غياب التوجيه من قبل الأم والأب في مرحلة نموه وتطوره يعرض الطفل للضغوط النفسية والقلق النفسي، ويتسم شعوره وممارسته بنوع من عدم الشعور بالندم والذنب لأي شيء يمارسه بشكل خاطىء. كما أنه لا يشعر بالمودة أو العطف والاحترام لأي شيء يفعله. بل إن الحالة قد تتطور بالطفل إلى أن يصل إلى مرحلة عدم الشعور بالقيمة الذاتية له ولغيره. 

 

زد على ذلك فإن أساليب التربية الخاطئة تؤثر تأثيراً كبيراً في تكوين الطفل النفسي والاجتماعي وتسبب له سوء التوافق. فالحرمان من رعاية الأم أو الأب سواء أكان حرمان كاملاً، أو جزئياً وخاصة في السنين الثلاث الأولى من عمره يعرض الطفل لأذى بالغ الخطورة. ويتجلى ذلك في تعطل النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي، كما يؤدي إلى اضطراب في النمو النفسي حيث يحصل لديه اضطراب في تكوين الأنا والأنا الأعلى. 

 

وقد أكدت دراسة جون بولبي، أن اضطراب كثير من الجانحين يرجع أساساً إلى العلاقات المضطربة التي تكونت بسبب انفصال الأطفال في سن طفولتهم المبكرة عن الأم. 

 

كما أن شعور الأطفال بأنهم مهملون ومنبوذون وخاصة في المراحل الأولى من حياتهم يؤثر تأثيراً بالغاً في توافقهم النفسي. 

 

بالإضافة إلى ذلك فإن إفراط الأبوين في التسامح مع الأبناء يؤدي إلى آثار سيئة في التكوين النفسي للطفل، إذ يكبر الطفل في العمر ويسلك سلوكاً يدل على أنه ما زال صغيراً. 

 

إن مثل هؤلاء الأطفال لا يستطيعون الابتعاد عن أمهاتهم فهم يريدون من الأم أن تكرس كل وقتها لهم من الصباح حتى المساء، فهؤلاء الأطفال لم يتعودوا الإحباط والفشل في حياتهم، وعندما ينتقلون إلى عالم الواقع يصطدمون بعوائق كثيرة مما يترتب على ذلك التعرض إلى الاضطراب النفسي وسوء التوافق. كما أن صرامة الآباء وقسوتهم لدرجة أن كلمة (لا) تكون دائمة على لسانهم، بالإضافة إلى أنهم يطلبون من أبنائهم القيام بأعمال صعبة تفوق طاقتهم، يجعلهم يشعرون بالعجز والقصور ويوقعهم في الإضطراب النفسي ويؤدي إلى سوء توافقهم.

 

زد على ذلك أن طموح الأباء الزائد وشعورهم بالضيق عندما لا يستطيع أبناؤهم أن يحققوا ما يصبون إليه ينتج عنه أن يصاب الأبناء بنوع من البلادة العاطفية، ويحدث لديهم رغبة في المقاومة السلبية. وكلما زاد الآباء دفعاً لأبنائهم، كلما تقاعس الأبناء وزادوا من رغبتهم في التخلف. 

 

ودفع الطفل إلى عمل من الأعمال دون مراعاة لقدراته وإمكاناته يعرضه للفشل مما يؤدي بالطفل إلى الشعور بالنقص ويعرضه للاضطراب النفسي وسوء التوافق. 

 

 

المصدر: 

 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.