الأمراض الرئوية عند الأطفال V: (المرض الرئوي الحاصر، وشذوذات التهوية - التروية)
تحتل الأمراض التنفسية المركز الثاني بين الأسباب الرئيسة للموت عند الأطفال دون عمر أربعة سنوات في الدول المتطورة Developed countries.
وتعتمد مبادلة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون المثالية على كفاية وظيفة العديد من مكونات الفيزيولوجيا الرئوية.
إن التبدلات في الطرق الهوائية العلوية أو السفلية (الأمراض الانسدادية) Obstructive diseases أو تبدلات المطاوعة (أمراض الرئة الحاصرة) Restrictive pulmonary diseases، أو عدم توافق التهوية - التروية في البارانشيم الرئوي أو شذوذات التحكم بالتهوية، كل ذلك يمكن أن يؤدي لمرض رئوي هام سريرياً.
وفي هذا المقال، والذي سيكون المقال الأخير في سلسلة مقالات الأمراض الرئوية عند الأطفال سوف نتطرق بشكل بسيط إلى ما يلي:
أ. المرض الرئوي الحاصر: والذي يشمل:
• شذوذات جدار الصدر
• الآفات الشاغلة للحيز
• المرض الرئوي الخلالي.
ب. شذوذات التهوية - التروية
المرض الرئوي الحاصر RESTRICTIVE LUNG DISEASE:
يسبب المرض الرئوي الحاصر نقصاً في معظم قياسات حجم الرئة بما فيها السعة الوظيفية المتبقية والحجم الجاري والسعة الحيوية.
شذوذات جدار الصدر CHEST WALL ABNORMALITIES:
يدل مصطلح الصدر القمعي Pectus excavatum على غؤور القص. أما مصطلح صدر الحمامة الصدر (الجؤجؤي) Pectus carinatum فيدل على التشوه للخارج. قد تؤدي الأشكال الخلقية الشديدة من هذه التشوهات إلى مرض رئوي حاصر نتيجة للتداخل الميكانيكي مع التنفس الطبيعي، وقد يؤدي الجنف الشديد لنفس التأثير . إن البدانة الشديدة إضافة لكونها عامل خطورة لداء الطريق الهوائي العلوي الانسدادي، فقد تسبب أيضاً مرضاً رئوياً حاصراً.
قد يتظاهر المرض العضلي العصبي على شكل إصابة رئوية حاصرة؛ نتيجة لعدم كفاية قوة العضلات التنفسية. (متلازمة غيلان - بارية، حثل دوشینالعضلي).
الآفات الشاغلة للحيز SPACE - OCCUPYING LESIONS:
إن أي آفة تحتل الحيز داخل الصدر سوف تتداخل مع التمدد الرئوي الطبيعي إذا كانت كبيرة لدرجة كافية. ويمكن لكل من انصباب الجنب وانصباب التامور والصدر الكيلوسي والانصباب الدموي في الصدر واسترواح الصدر وأورام جدار الصدر والكتل المنصفية والتشوهات الغدومية الكيسية والفتوق الحجابية والتشظي الرئوي أن تنافس الرئة الطبيعية على الحيز الصدري.
المرض الرئوي الخلالي INTERSTITIAL LUNG DISEASE:
يؤدي الاستنشاق المتكرر بشكل نموذجي إلى المرض الرئوي الخلالي، لكن قد يؤدي إلى المرض الرئوي الساد. ولهذا قد يكون له أعراض تترافق مع كلتا الحدثيتين. ويمكن لعدد من الأمراض النادرة أن تؤدي إلى تبدلات خلالية وتشمل، الداء الرئوي الخلالي المزمن والتهاب الرئة الخلالي اللمفاوي وداء الساركويد. يحدث في داء الهيموسیدروز الرئوي تراكم شاذ للهيموسیدرين في الرئتين نتيجة النزف السنخي المنتشر. وهو يترافق مع الأرج لحليب البقر عند الرضع أو متلازمة غود باستشر عند الأطفال الأكبر. يعتمد التشخيص على وجود البالعات المحملة بالهيموسیدرین (بالعات الحديد Sidrophages) في الغسالات القصبية أو رشاقات المعدة.
التظاهرات السريرية CLINICAL MANIFESTATIONS:
تعكس أعراض المرض الرئوي الحاصر بشكل نموذجي محدودية المدخر الرئوي. تتميز الإصابة بعدم تحمل التمرين والزلة وضيق النفس. ويمكن التحري عن الآفات الشاغلة للحيز بإصغاء الصدر. حيث يلاحظ نقص الأصوات التنفسية فوق المنطقة المصابة. أو قد تشاهد على صورة الصدر أو إيكو القلب.
إن الطبيعة المزمنة للعديد من الآفات الحاصرة يمكن أن تعرض المريض لخطر تطور الأعراض المرافقة للقصور التنفسي المديد. قد يتطور فرط التوتر الرئوي ويكشف باحتداد الصوت القلبي الثاني بالفحص السريري. وقد يلاحظ تبقرط أصابع اليدين والقدمين. إن التظاهرات السريرية لداء الهيموسیدروز الرئوي هي النفث الدموي والإقياء الدموي وفقر الدم صغير الكريات ناقص الصباغ.
شذوذات التهوية - التروية VENTILATION - PERFUSION ABNORMALITIES:
إن توافق التهوية والتروية من المفاهيم الهامة في العديد من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي.
تحتاج الأسناخ التي تساهم بشكل فعال في التنفس إلى تروية كافية بواسطة الجريان الدموي الشعري الموضعي. ويتم تنظيم هذا الأمر بإحكام بواسطة عدد من الوسائط الموضعية. والأهم أن الشرينات التي تغذي الشعريات الدموية السنخية حساسة بشكل شديد لضغط الأكسجين. ولهذا إذا ضعفت التهوية في منطقة من الرئة، فإن ضغط الأكسجين الموضعي ينقص وبالتالي تتقبض الشرينات. وهذا يؤدي إلى تحويل الدم إلى مناطق الرئة التي تساهم في التهوية الفعالة. وعندما يتخرب هذا النظام يحدث نقص الأكسجة الدموية.
تشمل الحالات التي تترافق مع عيوب الانتشار الصمة الرئوية وبعض الشذوذات الوعائية الخلقية والانخماص الرئوي المديد.
المصدر:
مبادئ طب الأطفال، د.عمار محمد زوكار (طبيب مشرف في مشفى دمشق/قسم طب الأطفال)، دار القدس للعلوم، دمشق - سوريا، الطبعة العربية الأولى، 2008.