القائمة الرئيسية

الصفحات

العرب بين الماضي والحاضر, السمنة كمثال

 










البيئة العربية بين الماضي والحاضر


المقدمة

إن ارتفاع معدل السمنة بين الشباب العربي وتأثيرات ذلك على مختلف مناحي الحياة يدفع الكثيرين لربط ذلك بنمط الحياة المعاصرة. 

ولأن طبيعة الحياة في المدن تختلف كثيرا عن البادية, فإن من الضروري معرفة النمط الصحي والبيئي للمجتمعات البدوية لمقارنة ذلك بالمجتمعات الحضرية, فمن هم البدو وما هو نمط معيشتهم؟

من هم البدو؟

البدو هم سكان الصحراء الذين يعيشون على الترحال والتنقل وعلى رعي الإبل والماشية ويسكنون الخيام وبيوت الشعر.

طبيعة الحياة البدوية

وطبيعة الحياة البدوية تتطلب بذل جهد بدني كبير إذ تتطلب المشي لمسافات بحثا عن المرعى والمأكل بخلاف طبيعة الحياة في المدن فإنها أكثر ترفاً وراحة.

ويظهر في البدوي أثر واضح من حياة موطنه الصحراء, وينجلى هذا الأثر في بنيته الجسدية ونكوينه العقلي, وليس جسم البدوي لدى التشريح سوى حزمة من الأعصاب الحساسة والعظام والعضلات فكأنه مثال لجدب الأرض وقحطها.

ويتألف طعامه اليومي من التمر وشيئ من الدقيق ممزوج ببعض الماء أو الحليب وحياة البدوي تؤمن له صحة ممتازة إذ أن السمنة الحقيقية غير معروفة بين البدو الأقحاح والبدانة موضوع تندر عندهم ينظرون إليها على أنها من التشوه الجسدي.([1])

البدو في الزمن الحاضر

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، بدأت أعداد كبيرة من البدو في جميع أنحاء وسط غرب آسيا في ترك الحياة البدوية التقليدية للاستقرار في مدن وسط غرب آسيا، خاصة مع تقلص المدى الحراري ونمو عدد السكان, على سبيل المثال، في سوريا، انتهت طريقة الحياة البدوية فعليًا خلال جفاف شديد من 1958 إلى 1961، مما أجبر العديد من البدو على التخلي عن الرعي والاتجاه إلى وظائف عادية, وبالمثل، أدت السياسات الحكومية في مصر وفلسطين والأردن والعراق وتونس والدول العربية المنتجة للنفط في الخليج العربي وليبيا، بالإضافة إلى الرغبة في تحسين مستويات المعيشة، إلى دفع معظم البدو كي يصبحوا مواطنين مستقرين في مختلف الدول، بدلاً من كونهم رعاة بدو عديمي الجنسية.

وقد حفز إنتاج النفط والذي بدأ في ستينات القرن الماضي نموا هائلا في السكان والتمدن مع تغير مصاحب في نمط الحياة مما صاحبه ارتفاع في معدلات السمنة ومرضى القلب والسكري فقد أشارت الدراسات إلى ارتفاع نسبة البدانة في دولة الإمارات العربية المتحدة بما يتراوح من 8% إلى 16% لدى الأولاد, ومن 7% إلى 17% لدى الفتيات في الفترة ما بين 1999 إلى 2010 وعزت الارتفاع الكبير إلى نمط الحياة غير الصحي فضلا عن الكسل والخمول البدني بشكل أكثر تحديدا, وأثبتت البحوث أن هناك زيادة موازية في انتشار مرضى السكري إذ ارتفعت النسبة إلى 18.4% في العام 2010. ([2])

ارتفاع معدلات السمنة في الوطن العربي

تُعدّ السمنة في الوطن العربي من المشاكل الصحية التي لا يغفل عنها، لا سيما في الدول الخليجية، كما تشهد المنطقة زيادة مرتفعة في هذه المعدلات على مر الزمن تفوق الاتجاه العالمي, ووفقاً لتقديرات سوء التغذية بين الأطفال ما دون الخامسة، الصادرة في مارس (آذار) 2019 عن منظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف» والبنك الدولي، نجد أن نسبة زيادة الوزن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفعت من 7.9 % في سنة 1990 إلى 11.2 % (5.4 مليون طفل) في سنة 2018، أي بمعدل نمو تجاوز 40 %، في حين كانت النسب العالمية المقابلة هي 4.8 و5.9 على التوالي، بمعدل نمو يقترب من 23 %, ولا يتفوق على المنطقة العربية في معدلات انتشار زيادة الوزن بين الأطفال ما دون الخامسة سوى دول أفريقيا الجنوبية، حيث بلغت نسبة زيادة الوزن في سنة 2018 نحو 13 %.

ومن جهة أخرى: فإن زيادة الوزن بين من تجاوز الثامنة عشر في العالم العربي تعد أيضاً لافتة, ومقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ 39 % في سنة 2016، نجد أن انتشار زيادة الوزن في الدول العربية، باستثناء جيبوتي وموريتانيا والسودان وجزر القمر والصومال، يتجاوز هذا المعدل ليقفز فوق 70 % في الكويت وقطر، وفوق 60 % في السعودية ولبنان والأردن.

 واكتشفَ من قِبل مشروع مونيكا التي ترعاه منظمة الصحة العالمية أن 30٪ من السكان في العالم العربي يعانون من زيادة الوزن أو السمنة  ومن ضمنهم المراهقين والبالغين, كما يُعرّف انتشار نمط الحياة الغربي ك " استيعاب الطاقة الجاذبة للطعام الدسم مع تكوين غير مرغوب فيه، وارتفاع في استهلاك دهون الحيوان والسكريات ونقصان في استهلاك الألياف الغذائية، مع نقص في النشاط الجسدي الكافِ"، ويعتبر انتشار هذا النمط من الحياة واحدة من أهم أسباب السمنة, بالتحديد في شبه الجزيرة العربية. ([3])

فكما نلاحظ فهناك علاقة وثيقة بين حياة المدن المعاصرة وبين ارتفاع معدلات السمنة والأمراض المرتبطة بها.

وختاما فينصح لمن يعانون من زيادة الوزن بممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني آخر والتقليل من الوجبات السريعة والتركيز على نمط غذائي صحي وغني بالبروتين والخضروات والفيتامينات للاستمتاع بحياة صحية أفضل ولتجنب أمراض القلب والكوليستيرول والسكري وغيرها من الأمراض المتعلقة بالسمنة أو مرتبطة بها.



([1]) بدو العراق والجزيرة العربية بعيون الرحالة – علي عفيفي غازي – ص71 بتصرف

([2]) الأمن الصحي في دول الخليج العربي التحديات والفرص – Dr.Hamid Yahya  - ص82 و83 بتصرف

([3])https://2u.pw/A0NF3